هنا .. تفاصيل خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف 2 أغسطس والموضوعات المطروحة

تم الإعلان عن خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف التى ستكون يوم 2 أغسطس، حيث ستركز على القيم الدينية والأخلاقية التي يجب أن يتحلى بها المسلم في حياته اليومية، كما تأتى هذه الخطبة في إطار جهود الوزارة لتعزيز الوعي الديني ونشر القيم الإسلامية الصحيحة، وأيضا نشر روح المحبة والتسامح بين أفراد المجتمع، بالإضافة إلى أن وزارة الأوقاف تؤكد على جميع السادة الأئمة الالتزام بموضوع نصًا أو مضمونًا على أقل تقدير، وألا يزيد أداء الخطبة عن خمس عشرة دقيقة للخطبتين الأولى والثانية مراعاة للظروف الراهنة.

خطبة خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف

الله عزوجل سمى خطبة الجمعة فى القرآن الكريم ب “ذكر الله” وجعلها شعيرة من شعائر الإسلام، كما تحضرها الملائكة مما يدل على عظمة مكانتها عند الله، ووزارة الأوقاف أعلنت أن خطبة الجمعة القادمة تتكون من 3 عناصر أساسيين وهما :

  • مفهوم التقوى وأهميتها:
    التقوَى مأخوذةٌ مِن الوقايةِ، تقولُ اتقيتُ الحرَّ: أي جعلتُ بينِي وبينَهُ وقايةً. واتقيتُ البردَ: أي جعلتُ بينِي وبينَهُ وقايةً. ومنهُ قولُ الرسولِ ﷺ: (اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ).
    وقد عرّفَ التقوَى الإمامُ علىٌّ رضي اللهُ عنهُ بأنّهَا: “الخوفُ مِن الجليلِ، والعملُ بالتنزيلِ، والرضَا بالقليلِ، والاستعدادُ ليومِ الرحيلِ”. وقالَ طلقُ بنُ حبيبٍ: هي “أنْ تعملَ بطاعةِ اللهِ على نورٍ مِن اللهِ ترجُو ثوابَ اللهِ، وأنْ تتركَ معصيةَ اللهِ، على نورٍ مِن اللهِ، تخشَى عقابَ اللهِ”. وقال ابنُ مسعودٍ رضي اللهُ عنهُ: “تقوَى اللهِ: أنْ يُطاعَ فلا يُعصَى، وأنْ يُذكرَ فلا يُنسَى، وأنْ يشكرَ فلا يُكفر”. وقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِكَعْبِ الْأَحْبَار حَدِّثْنِي عَنِ التَّقْوَى فَقَالَ: هَلْ أَخَذْتَ طَرِيقًا ذَا شَوْكٍ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهِ قَالَ: حَذِرْتُ وَشَمَّرْتُ: قَالَ كَعْبٌ: ذَلِكَ التَّقْوَى. (تفسير البغوي).
    ولأهميةِ التقوَى كانتْ وصيةَ اللهِ لنَا ولِمَن قبلنَا، قالَ تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ}. [النساء:131]. كما كانتْ وصيةَ كلِّ نبيٍّ لقومِهِ بقولِهِ: {أَلَا تَتَّقُونَ} كما جاءتْ في سورةِ الشعراء.
    كما كانتْ وصيةَ الرسولِ ﷺ لأمتِهِ في قولِهِ: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ».(الترمذي بسند صحيح).
    ولأهميةِ التقوَى أيضًا كانتْ طريقًا إلى الجنةِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ؟ فَقَالَ:” تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ “.  [ أحمد والترمذي وصححه ] .
    وقد وقفتُ كثيرًا عندَ هذا الحديثِ متسائلًا: لماذا اقتصرَ النبيُّ ﷺ في هذا الحديثِ على هذينِ الأمرينِ ؟!
    قال العلماءُ في ذلك: لأنَّ تقوَى اللهِ تُصلِحُ ما بينكَ وبينَ اللهِ، فتمتثلُ الأوامرَ وتنتهِي عن المحرماتِ !!
    وحُسنُ الخُلقِ يُصلِحُ ما بينكَ وبينَ الناسِ، فلا تكذبْ على أحدٍ، ولا تخنْ أحدًا، ولا تحقدْ على أحدٍ … إلخ
    والتقوَى لهَا ثمراتٌ وفوائدُ خفيةٌ عظيمةٌ تتعلقُ بحياةِ الإنسانِ الدنيويةِ والأخرويةِ، وسيقتصرُ الحديثُ في هذا اللقاءِ عن التقوَى كسببٍ مِن أسبابِ الرزقِ الخفيَّةِ، كما في عنصرِنَا التالِي إنْ شاءَ اللهُ تعالى.
  • تأثير المعاصي في زوال بركات الأرزاق:
    إنَّ المعصيةَ لهَا أثر عظيم في مَحقِ بركةِ الرزقِ، قالَ تعالَى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾، وعَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسولِ اللَّهِ ﷺ، رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «… وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ» (أحمد) .
    لقد فتِحَ على الناسِ مِن أسبابِ الرَّخاءِ ما لم يفتَحْ على أحدٍ قبلَهم، وتفجَّرَتْ كنوز الأرضِ، وتوافَرَتْ الأموالُ والتجارات، وتعدَّدتْ المُخترعاتُ والصناعات، لكن غلَبَ على العالَمِ الشكوَى، والخوف مِن المستقبَلِ مع توافرِ كلِّ أسبابِ الرَّخاءِ؛ فمِن أينَ الخلل؟! إنَّهَا “فقدانُ التقوى”، والركون للنفسِ والهوَى، وصدقَ اللهُ حينمَا قال: ﴿أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُم﴾، وفي هذا يقولُ ابنُ القيمِ: (وَلَمْ تَزَلْ أَعْمَالُ بَنِي آدَمَ تُحْدِثُ لَهُمْ مِنَ الْفَسَادِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ مَا يَجْلِبُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْآلَامِ، وَالْأَمْرَاضِ، وَالْأَسْقَامِ، وَالطَّوَاعِينِ، وَالْقُحُوطِ، وَالْجُدُوبِ، وَسَلْبِ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ، وَثِمَارِهَا، وَنَبَاتِهَا، وَسَلْبِ مَنَافِعِهَا، أَوْ نُقْصَانِهَا أُمُورًا مُتَتَابِعَةً يَتْلُو بَعْضُهَا بَعْضًا، وَمِنْ عُقُوبَات المعاصي: أَنَّهَا تَمْحَقُ بَرَكَةَ الْعُمُرِ، وَبَرَكَةَ الرِّزْقِ، وَبَرَكَةَ الْعِلْمِ، وَبَرَكَةَ الْعَمَلِ، وَبَرَكَةَ الطَّاعَةِ، وَبِالْجُمْلَةِ أَنَّهَا تَمْحَقُ بَرَكَةَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، فَلَا تَجِدُ أَقَلَّ بَرَكَةٍ فِي عُمُرِهِ وَدِينِهِ وَدُنْيَاهُ مِمَّنْ عَصَى اللَّهَ، وَمَا مُحِقَتِ الْبَرَكَةُ مِنَ الْأَرْضِ إِلَّا بِمَعَاصِي الْخَلْقِ) أ.ه.
    إنَّ تقوَى اللهِ – سبحانه- جماعُ كلِّ خيرٍ، وسياجٌ مِن كلِّ شرٍّ، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْصِنِي، قَالَ: «عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ فَإِنَّهُ جِمَاعُ كُلِّ خَيْرٍ » (أبو يعلى)، والعبدُ قد يُؤتَى رزقاً وفيراً مع ما هو مقيمٌ عليهِ مِن المعاصِي والمنكراتِ، فليسَ هذا علامةً على محبةِ اللهِ لهُ ورضاهُ عليهِ، وتلك مقاييسٌ فاسدةٌ كما قالَ سبحانَهُ: ﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ﴾، وإنَّمَا هو استدراجٌ وإمهالٌ كمَا قالَ ربُّنَا: ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾، وعَنْ عُقْبَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ يُعْطِي الْعَبْدَ مِنَ الدُّنْيَا عَلَى مَعَاصِيهِ مَا يُحِبُّ، فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاجٌ» ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾ (أحمد) .
    الذنوب والمعاصِي لا تحجب الرزقَ عن البشريةِ وإنَّمَا تمنع بركتَه وحلاوتَه، قال ربّنَا: ﴿وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ﴾، فهو يرزق العبادَ كلَّهم مؤمنهم وكافرهم، مطيعهم وعاصيهم، لكن التقيُّ النقيُّ يُرزَقُ نعمةَ التوفيقِ والهدايةِ والصلاحِ في دارِ الفناءِ والبقاءِ، بينمَا العاصِي والمجرم يحرَم لذةَ البركةِ وحلاوةَ ما أغدقَ اللهُ عليهِ، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسول اللهِ ﷺ: «إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مُؤْمِنًا حَسَنَةً، يُعْطَى بِهَا فِي الدُّنْيَا وَيُجْزَى بِهَا فِي الْآخِرَةِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِحَسَنَاتِ مَا عَمِلَ بِهَا لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا أَفْضَى إِلَى الْآخِرَةِ، لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجْزَى بِهَا» (مسلم) .
  • التقوى هي أفضل وسيلة للحصول على الرزق الخفي:
    إنَّ تقوَى اللهِ تعالَى مِن أهمِّ الأسبابِ الخفيَّةِ الجالبةِ للرزقِ والبركةِ، يدلّ على ذلكَ قوله تعالَى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}. (الأعراف: 96)، يقولُ الإمام ابن كثيرٍ رحمَه الله: {قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا) أي: آمنتْ قلوبهم بمَا جاءَ بهِ الرسل وصدقتْ بهِ واتبعوه، وَاتَّقَوْا بِفِعْلِ الطَّاعَاتِ وَتَرْكِ الْمحَرَّمَاتِ لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَيْ قَطْرَ السَّمَاءِ وَنَبَاتَ الْأَرْضِ، وَلَكِنْ كَذَّبوا رسلَهمْ فَعَاقَبْنَاهُمْ بِالْهَلَاكِ عَلَى مَا كَسَبوا مِنَ الْمَآثِمِ وَالْمَحَارِمِ”. (تفسير ابن كثير).
    فالتقوَى سببٌ خفيّ لزيادةِ الرزقِ مِن حيث لا تحتسب، قالَ تعالَى: { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ }[الطلاق 2 ، 3] يقولُ ابنُ كثيرٍ: “يرزقه مِن جهةٍ لا تخطر ببالِهِ”، وقالَ ابن عباسٍ: “مِن حيث لا يرجو ولا يأمل”.. وسبب نزولِ الآيةِ الكريمةِ ما رويَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَشْجَعَ يُقَالُ لَه عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ أَسَرُوا ابْنِي وَإِنَّهُمْ يُكَلِّفُونَهُ مِنَ الْفِدَاءِ مَا لَا نُطِيقُ، قَالَ: ابْعَثْ إِلَى ابْنِكَ فَلْيُكْثِرْ مِنْ قَوْلِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ قَالَ: فَبَعَثْتُ إِلَيْهِ فَقَالَهَا، فَغَفَلَ عَنْهُ الْمُشْرِكُونَ، فَاسْتَاقَ خَمْسِينَ بَعِيرًا مِنْ إِبِلِهِمْ فَقَعَدَ عَلَى بَعِيرٍ مِنْهَا حَتَّى أَتَى بِهَا أَبَاهُ، فأنزل الله الآية.
    قال الطبريُّ: مَن يَخفِ اللهَ، فيعملُ بمَا أمرَهُ بهِ، ويجتنبُ ما نهاهُ عنهُ، يجعل لهُ مِن أمرِهِ مخرجًا”. (انظر تفسير الطبري)، ومِن أمثلةِ ذلكَ أمُّنَا هاجرُ عليهَا السلامُ لمَّا تركَهَا الخليلُ إبراهيمُ عليهِ السلامُ في مكانٍ لا زرعَ فيهِ ولا ماء، وأيقنتْ أنَّ اللهَ معهَا ولن يضيعَهَا لقوةِ إيمانِهَا وتقواهَا، أمرُ اللهُ الأرضَ فأخرجتْ الماءَ فشربتْ هي وابنُهَا، وظلتْ هذه البركاتُ في ماءِ زمزمَ شفاءَ سقمٍ، وطعامَ طعمٍ إلى أنْ تقومَ الساعةُ.
    وهذه السيدة مريم عليهَا السلامُ لمَّا ازدادَ يقينهَا باللهِ وتقواهَا له، جاءهَا الرزق مِن عندِ اللهِ، حتى كانت فاكهة الشتاءِ في الصيفِ وفاكهة الصيفِ في الشتاءِ، قالَ تعالَى: {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}. (آل عمران: 37).
    كما نزلَ عليهَا الرطب مِن فوقِهَا، قالَ تعالَى: {فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا}. (مريم 24 – 26).
    وهذا كلُّهُ تصديقٌ لقولِهِ تعالَى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ }.
    إنَّ أعظمَ ميراثٍ تتركُهُ لأهلِكَ ولأولادِكَ مِن بعدِكَ هو تقوَى اللهِ تعالَى، وهذه القصةُ تؤكدُ هذه الحقيقةَ:
    روي أنَّ “مقاتلَ بنَ سليمان” رحمَه الله، دخلَ على “المنصورِ” يومَ بويعَ بالخلافةِ، فقالَ له المنصور: عِظنِي يا مقاتل! فقال: أعظُكَ بما رأيتُ أم بما سمعتُ؟ قال: بما رأيتَ.. قال: يا أميرَ المؤمنين.. إنَّ عمرَ بنَ عبدِ العزيزِ أنجبَ أحدَ عشرَ ولدًا وتركَ ثمانيةَ عشرَ دينارًا، كفِّنَ بخمسةِ دنانير، واشتريَ له قبر بأربعةِ دنانير، وَوزّعَ الباقِي على أبنائِهِ. وهشام بن عبدِ الملكِ أنجبَ أحدَ عشرَ ولدًا، وكان نصيب كلِّ ولدٍ مِن التركةِ مليون دينار. واللهِ… يا أميرَ المؤمنين: لقد رأيت في يومٍ واحدٍ أحدَ أبناءِ عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ يتصدَّق بمائةِ فرسٍ للجهادِ في سبيلِ اللهِ، وأحدَ أبناءِ هشامٍ يتسوَّل في الأسواقِ! وقد سألَ الناس عمرَ بنَ عبدِ العزيزِ رضي الله عنه وهو على فراشِ الموتِ: ماذا تركتَ لأبنائِكَ يا عمر؟ قال: تركت لهم تقوَى الله، فإنْ كانوا صالحينَ فالله تعالَى يتولَّى الصالحينَ، وإنْ كانوا غيرَ ذلكَ فلن أتركَ لهم ما يعينهم على معصيةِ اللهِ تعالَى. فتأمَّلْ… كثير مِن الناسِ يسعَى ويكدّ ويتعب ليؤمنَ مستقبلَ أولادِهِ ظنًا منه أنَّ وجودَ المالِ في أيديهِم بعدَ موتِهِ أمان لهم، وغفلَ عن الأمانِ العظيمِ الذي ذكرَه الله في كتابِهِ وهو تقوَى اللهِ تعالَى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [النساء:9].

أهمية خطبة الجمعة

خطبة الجمعة هى وسيلة فعالة لنشر التوعية الدينية وتذكير المسلمين وتنبيههم،كما إنها تعزز من القيم الإسلامية وتنشر العلم وتعليم الناس، كذلك بناء مجتمع متماسك، وهى أيضا تقوي إيمان المسلم وتحمى عقيدته لأن العقيدة هى التى تقود المسلم إلى السعادة فى الدنيا والآخره، بالإضافة إلى نشر المحبة بين المصلين وتقوية الروابط بين الناس.